'ما يجري في إيران ليس مجرد نزاع عسكري بل صراع بين السقوط والبقاء'

أكدت مرشده قائدي، أن الحرب كانت ولا تزال وسيلة بيد الأنظمة الاستبدادية لقمع الشعوب "أن ما يجري ليس مجرد نزاع عسكري، بل صراع وجودي بين السقوط والبقاء".

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، تتزايد المخاوف الحقوقية من اتساع نطاق الإعدامات في إيران، وسط تحذيرات من استخدام هذه العقوبة كأداة للردع الداخلي ولبث الخوف ومنع أي احتجاجات داخلية.

في ظل الغموض الذي يكتنف مصير السجناء في إيران لاسيما السياسيين منهم، لا يكاد يمر يوم دون الإعلان عن تنفيذ أحكام الإعدام، وفي الوقت ذاته أعلنت السلطات منذ البداية عن مشروع قانون عاجل لمعالجة ملفات المعتقلين بتهمة التعاون مع إسرائيل، ما أثار المخاوف من تكرار مشاهد الإعدامات الجماعية التي شهدتها البلاد خلال ستينيات القرن الماضي.

وقالت مرشدة قائدي، إحدى أفراد عائلات سجناء خاوران "لطالما كانت الحرب أداة في أيدي الأنظمة الإجرامية لقمع الشعوب"، مشيرة إلى تشابه الأوضاع الراهنة في السجون الإيرانية مع ما جرى خلال عقد الثمانينيات، حين نُفذت إعدامات واسعة في ظل الحرب بين إيران والعراق "أن موجة من الاعتقالات واقتحام السجون بدأت تزامناً مع اندلاع الحرب، حيث انطلقت العمليات بدءاً من سجون شرق كردستان مثل كرماشان ومهاباد، أورمية، قبل أن تمتد إلى سجنَي إيفين وقزل حصار.

وأكدت أنه في 15 يونيو/حزيران الجاري، أقرّ البرلمان مشروع قانون من مرحلتين يقضي بإعدام المتعاونين مع إسرائيل "هذه الموجة من الإعدامات ليست سوى أداة لقمع أوسع نطاقاً إذ يُمكن ببساطة اعتقال أي شخص واعتباره "عدواً" أو متعاوناً مع إسرائيل تمهيدًا لقمعهم".

في إشارة إلى القمع في سجن إيفين أوضحت أنه "خلال الانتفاضة الشعبية الأخيرة خرج الناس إلى الشوارع لإسقاط هذه النظام والآن تواجه السلطات نفس المطلب للإطاحة وتحاول مواجهته، خلال الحرب العراقية الإيرانية سعت إلى ترسيخ ثورتها ونجحت، أما اليوم فالقضية هي احتجاجات الشعب ورغبته في إسقاط هذا النظام".

وأكدت الشعب الإيراني يتعرض لضغوطات اقتصادية شديدة، ولا تقوم السلطات بتقديم أي تسهيلات حتى صفارات الإنذار التي كانت موجودة خلال الحرب اختفت الآن "أن هذا الوضع هو صراع بين إسقاط النظام وبقائه".

في إشارة إلى قطع الإنترنت في جميع أنحاء إيران قالت مرشده قائدي "إحدى أدوات القمع المعتادة التي تستخدمها السلطات هي قطع وسائل الاتصال، وهذه المرة من خلال قطعها قامت بحجب الشعب الإيراني عن العالم، كما أنها أقامت نقاط تفتيش في المدن ونُشرت فرق عمل في الشوارع" لافتةً إلى أن السلطات الإيرانية   تخشى أن يُحوّل الأهالي هذه الحرب إلى حرب ضد النظام بالنزول إلى الشوارع".

وأكدت أنه قبل الحرب كانت حركات الاحتجاج حاضرة في الشوارع، لكنها الآن لم تعد قادرة على مواصلة احتجاجاتها "في معظم السجون قُطعت خطوط الهاتف، وانقطع الاتصال تماماً عن الجناحين الرابع والثامن في سجن إيفين، أما السجون الأخرى التي كانت تُتاح فيها سابقاً إمكانية التواصل القصير مع عائلاتهم، فقد أصبحت الآن في جهل تام".

وشددت على أن الوضع في سجن كرمانشاه لا يزال متوتراً بعد الهجوم الذي تعرّض له، حيث أُخليت المنطقة المحيطة، بينما تُرك السجناء داخل السجن وفي ظل هذه الأوضاع عبّر السجناء عن احتجاجهم وطالبوا بتوفير ملاذ آمن، إلا أن قوة المهام اقتحمت السجن، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص وإصابة أكثر من ثلاثين آخرين "أن الأوضاع في سجني مهاباد وأورمية تزداد سوءاً إذ تم نقل السجناء في أورمية إلى مواقع غير معروفة، بينما يشهد سجن قزل حصار توتراً كبيراً، مع تلويح مجموعات مسلحة باقتحام السجن مما خلق حالة من الخوف والهلع بين النزلاء".

وعن التصديق على مشروع قانون الطوارئ الذي يمتد ليومين والذي يُستخدم كغطاء لتكثيف القمع، قالت  مرشده قائدي، إن هذا التطور ينذر بموجة من الإعدامات الجماعية، إذ يمكن أن يُعتقل الأفراد ويُحاكموا ويُنفّذ فيهم الحكم خلال يومين فقط، معتبرةً أن ما يجري اليوم هو إعادة مؤلمة لمشهد إعدامات عام 1988.

وأعربت عن قلقها حيال تاريخ إيران المقلق في مجال حقوق السجناء، مشيرةً إلى أن "حتى المحكومين بالإفراج لم يسلموا من الإعدامات في عام 1988 ، مؤكدةً على أنه لا ضمانة لأمان أي شخص داخل سجون " هناك مخاوف بشأن مصير ثلاث سجينات سياسيات، وهن شريفة محمدي، وبخشان عزيزي، ووريشة مرادي".

وأشارت إلى أن عائلة وريشة مرادي تمكّنت من التواصل معها لفترة قصيرة خلال هذه المرحلة، إلا أن الأخبار انقطعت في الأيام الأخيرة عن بخشان عزيزي وشريفة محمدي وعدد من السجناء السياسيين الآخرين "أن سجن إيفين يشهد حالة من الغموض الكامل، على الرغم من أن السجناء تمكنوا الأسبوع الماضي، وبالرغم من ظروف الحرب، من تنظيم وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء تخللتها قراءة بيان".

وفي إشارة إلى الوضع غير المعروف في السجون الأخرى، أضافت أنه لا تتوفر معلومات دقيقة عن سجن لاكان في رشت، فقد أدى انقطاع الإنترنت إلى استحالة التواصل مع داخل السجون تقريباً، مما زاد من المخاوف بشأن مصير السجناء "في هذه الحرب نشأ تضامنٌ غير مسبوق بين السكان، فُتحت أبواب البيوت لبعضها البعض، وكان هذا مُخيفًا للنظام. هذا التعاطف والتعاون بين الأهالي من أسس خوف السلطات الذي قرر كبح هذا التضامن بقطع صلة إيران بالعالم".